بعث بئر معونة
بعث بئر معونة
وفي
صفر هذا بعث إلى بئر معونة أيضاً ، و ذلك أن أبا براء عامر بن مالك المدعو ملاعب
الأسنة ، قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة فدعاه إلى الإسلام فلم
يسلم و لم يبعد . فقال : يا رسول الله لو بعثت أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى دينك
لرجوت أن يجيبوهم ، فقال : إني أخاف عليهم أهل نجد ، فقال أبو براء : أنا جار لهم
. فبعث صلى الله عليه و سلم فيما قاله ابن إسحاق أربعين رجلاً من الصحابة ، و في
الصحيحين سبعين رجلاً ، وهذا هو الصحيح . و أمر عليهم المنذر بن عمرو أحد بني
ساعدة ، و لقبه المعنق ليموت رضي الله عنهم أجمعين ، و كانوا من فضلاء المسليمن و
سادتهم و قرائهم ، فنهضوا فنزلوا بئر معونة ، وهي بين أرض بني عامر و حرة بني سليم
، ثم بعثوا منها حرام بن ملحان أخا أم سليم بكتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم
إلى عدو الله عامر بن الطفيل ، فلم ينظر فيه ، و أمر به فقتله رجل ضربه بحربة ،
فلما خرج الدم قال : فزت و رب الكعبة . و استنفر عدو الله عامر : بني عامر إلى
قتال الباقين ، فلم يجيبوه ، لأجل جوار أبي براء ، فاستنفر بني سليم فأجابته عصية
و رعل و ذكوان ، فأحاطوا بأ صحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقاتلوا حتى
قتلوا عن آخرهم رضي الله عنهم ، إلا كعب بن زيد من بني النجار فإنه ارتث من بين
القتلى ، فعاش حتى قتل يوم الخندق .
وكان عمرو بن أمية الضمري و المنذر بن محمد بن عقبة
في سرح المسلمين ، فرأيا الطير تحوم على موضع الوقعة ، فنزل المنذر بن محمد هذا
فقاتل المشركين حتى قتل مع أصحابه ، وأسر عمرو بن أمية ، فلما أخبر أنه من مضر جز
عامر ناصيته و أعتقه فيما زعم عن رقبة كانت على أمه . و رجع عمرو بن أمية ، فلما
كان بالقرقرة من صدر قناة نزل في ظل ، و يجيء رجلان من بني كلاب ، و قيل من بني
سليم فنزلا معه فيه ، فلما ناما فتك بهما عمرو و هو يرى أنه قد أصاب ثأراً من
أصحابه ، وإذا معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يشعر به ، فلما قدم
أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم بما فعل ، قال : [لقد قتلت قتيلين لأدينهما ]
. و كان هذا سبب غزوة بني النضير كما ورد هذا في الصحيح .

ليست هناك تعليقات